كلمة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي أمام الدورة الـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أخيراً أوغرت صدور الحكومة الإيرانية وضربت في العمق، إذ فضحت الكلمة القوية لسمو الشيخ عبدالله الممارسات الإرهابية للجمهورية الإيرانية المارقة، وأظهرت جلياً للعالم دعمها للتطرف والإرهاب وإثارة الفتن والبلبلة والأعمال التخريبية في عدة دول بمنطقة الشرق الأوسط، وأبانت بما لا يدع مجالاً للشك روح إيران العدائية ضد كل من يريد الخير والأمن والاستقرار والسلام للمنطقة، التي تريدها طهران أن تكون مشتعلة متوترة متشرذمة من أجل تحقيق خططها ومؤامراتها الخبيثة. وجاء التعرض الإيراني لكلمة الشيخ عبدالله ليؤكد أن دولة الاحتلال الإيرانية لجزرنا الإماراتية الثلاث المحتلة «طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى»، تصم آذانها عن الحقيقة، والواقع أن هذه الجزر إماراتية عربية الهوية والتاريخ، وليس ذلك فقط بل حقيقة أن إيران احتلت الكثير من الأراضي العربية، إذ إن السواحل التي يطلق عليها أنها إيرانية الآن هي عربية الهوية والتاريخ أيضاً، وهذا ما أكدته الوثائق البريطانية من أن السواحل الشرقية لإيران بموانئها، كانت عربية بالكامل، وكذلك الجزر الموجودة في مضيق هرمز، مثل الجزيرة التي يسميها الفرس «قشم» واسمها الأصلي العربي «جسم»، وغيرها من الجزر، كما كشفت الوثائق أن كل حوض الخليج العربي بمناطقه الشرقية والغربية كافة هو عربي، وليس فارسياً، يسكنه العرب الهولة والأحوازيون، وذلك حتى نهاية النصف الثاني من زمن الدولة «الفارسية» وقدوم البريطانيين إلى المنطقة. وهذا التعرض أيضاً يوضح أن طهران لن ترضخ بالجلوس على طاولة المفاوضات، ولن تلجأ إلى الوسائل السلمية لحل النزاعات الدولية، وعلى رأسها اللجوء إلى القضاء أو التحكيم الدوليين، إلا إذا مورس عليها ضغط شعبي وحكومي ودولي قوي متواصل، وأن نستمر في فضح ممارساتها الإرهابية حتى يعود الحق إلى أصحابه وتظل طهران يتيمة وحيدة منعزلة. ورداً على الهراءات التي ساقها المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي بأن «أبوظبي تركت سياساتها التقليدية لصالح اللاعبين المتطرفين والمحرضين للحروب في المنطقة»، نقول له إن الإمارات هي بذرة الخير والعطاء التي حمت الكثير من دول المنطقة من الانهيار اقتصادياً وسياسياً في الوقت الذي كانت تسعى فيه طهران إلى التوغل والتوسع إقليمياً في المنطقة لتدمير تلك الدول وتشريد الملايين من شعوبها لتحقيق حلم الخميني ببسط نفوذ الدولة الفارسية شمالاً وجنوباً. وما يؤكد أن الجزر الثلاث إماراتية، وأن طهران احتلتها بالمخالفة لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، أنه أثناء غزوها لجزرنا المحتلة قامت إيران بطرد سكان جزر طنب تاركين وراءهم مزارعهم وبيوتهم وأثاثهم، ولا شك أن طرد إيران للأهالي لأكبر دليل على عروبة الجزر، لأن الأهالي لو كانوا يدينون بالولاء لإيران أو كانوا من أصل إيراني أو حاملي جنسية إيرانية لما طردتهم سلطات الاحتلال الإيرانية. ومن خلال الممارسات العدائية لإيران، التي نلحظها يومياً في بقاع مختلفة من أقطار العالم العربي، تظهر بجلاء وبتحدٍ سافر أطماع إيران التوسعية بالأراضي العربية الخليجية وعدم الاعتراف بالشرعية الدولية، وقد ذكر الخميني آنفاً أن إيران ستطالب بفرض سيادتها على بغداد إذا أصر العراق على مطالبته بالجزر الثلاث. كما صرح قطب زاده وزير الخارجية الإيراني في 8 أبريل 1980 - الذي تم إعدامه على يدي الخميني بتهمة الانقلاب عليه والذي كان أحد مرافقيه وهو قادم من فرنسا بعد وقوع الثورة الإيرانية وآخر من ارتدى رابطة العنق من الوزراء الإيرانيين-، بأن عدن وبغداد تابعتان لإيران، وهكذا نبتت وترعرعت بذور فقدان الخليج لأمنه واستقراره، ولم يزل الوضع متأزماً حتى الوقت الحاضر. وما لا يعلمه الكثيرون أن علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة الإيرانية قد درس لمدة 4 سنوات في جامعة الصداقة الشعبية في موسكو التي أنشأت عام 1960 بإشراف مباشر من جهاز «الكي جي بي» في الاتحاد السوفييتي السابق، وذلك بحسب ما ورد في كتاب «كيف تحول الحرس الثوري من الثيوقراطية إلى الديكتاتورية العسكرية»، وقد نمى فكر خامنئي التوسعي بعد انتهاء دراسته، والأمر الغريب أن السيرة الذاتية له تخفي تماماً هذه المعلومة وتخلو من أي إشارة إلى دراسة خامنئي في الاتحاد السوفييتي السابق، كما تغطي طهران دائماً على تلك الفترة بأن خامنئي كان يدرس في النجف بالعراق، إذ تستخدم رحلته الدراسية في العراق كغطاء لدراسته الخفية في موسكو. وبحسب كتاب «رفسنجاني» المسمى «حياتي»الصادر في عام 1997، فإن الثورة الإيرانية بدأت لتغيير نظام الحكم في طهران من خلال شرائط التسجيل الصوتي القديمة التقليدية، أما الآن فتحاول طهران تصدير تلك الثورة إلى دول منطقة الشرق الأوسط عبر مواقع السوشيال ميديا الحديثة، وتجنيد آلاف المغردين أصحاب النفوس الضعيفة واستقطابهم لتحقيق مآربها التوسعية وطموح الملالي. ويظهر كتابه أن إيران كانت تسعى بقوة لخلخلة أنظمة الحكم في بعض دول المنطقة منذ نهاية الستينيات، وذلك من خلال تجنيد موالين لها في تلك الدول. تمتلك إيران الآن أكثر من 65 قناة تلفزيونية وفضائية ما بين اللغات العربية والفارسية والإنجليزية، بالإضافة إلى تجنيدها أكثر من 4000 من السوشياليين في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي في الدول التي تسعى إلى إثارة الفتن والاضطرابات فيها، وذلك حسب ما تؤكد وسائل إعلام مناوئة لنظام خامنئي، ولذلك لا بد من أن تكون أدواتنا الإعلامية قوية وقادرة على المواجهة، وأن تكون المواجهة متعددة اللغات.